قصائد و قصص شعبية

قصائد شعبية بوقالات جزائرية قصائد الشعرالملحون

recent

آخر المواضيع

recent
random
جاري التحميل ...

لباس الحايك الجزائري من تراثنا العريق رمز الهوية الجزائرية







رمز الهمة لدى الجزائريات، العفة والأصالة يطويه النسيان
''الحايك'' هو ذلك اللباس التقليدي الأبيض الذي أسهم في إطلاق تسمية ''الدزاير البيضاء'' على العاصمة بعد أن أضحى اللون الأبيض هو الغالب على لونها. هو ذو قيمة حضارية عريقة استحقها عن جدارة فقد كان شريكا مهما في ثورة التحرير وكانت العروس الجزائرية لا تخرج من بيت أهلها لتزف إلى بيت زوجها إلا بهذا اللباس التراثي التاريخي، الّذي كان أيضا جزءا لا غنى عنه من يومياتها، تنوع فيه حسب المناسبات وتتحكم فيه أيضا الطبقية. فالحايك أنواع أشهرها ''حايك المرمى'' في العاصمة الذي كان يصنع من الحرير المزين بخيوط الذهب والفضة غير أن هذا النوع كان محصورا على العائلات الميسورة الحال ليتراجع عنه الزمن اليوم ويصنفه في خزانة الألبسة التقليدية التي تناستهاالجزائريات. أما الحايك الأسود والمسمي في الشرق الجزائري بالملاية فهو موجود في منطقة قسنطينةويقال حزنا على موت الباي أحمد أما في الغرب كتلمسان المعروف باسم العشعاشي. حيث انفردت هذه المنطقة باللون الأزرق النيلي.أما في وهران فكانت مشهورة ببو عوينة. الباحث اليوم عن أصول ''الحايك'' يجد صعوبة كبيرة لجمع المعلومات حوله، لانعدام المصادر التي لها أن تفيد في هذا المجال لا لسبب إلا لعزوف عدد كبير من النساء العاصميات عن هذا الثوب أو وفاة أغلبهن من اللواتي حافظن عليه وأردن توصيله إلى الأجيال. ولو توقفنا لوهلة وحدقنا النظر في عادات وتقاليد الجزائريين اليوم، لوجدنا أن سكان العاصمة قد تخلوا عن كل شيء يذكرهم ويربطهم بالماضي العريق، بل أن أكثرهم يعتبرون مثل هذا التراث تخلفا وعودة إلى الوراء. وهو الشيء الذي لم يحدث إلا في بلادنا وراحوا يقلدون كل ما هو عصري وأوروبي واستيراد حتى التقاليد المغربية والشرقية متجاهلين عاداتهم التي تميزهم وتعرفهم للأشقاء والأعداء والتي هي في الحقيقة بمثابة بطاقة الهوية للأجانب والسياح الذين يزورون الجزائر لكثرة ما سمعوا عنها وعن عاداتها.

------------------------------------------------------------------------

''الحايك... رمز حشمة وهمة المرأة الجزائرية''



------------------------------------------------------------------------
الحايك كان ولا زال رمزا للهمة والحشمة والسترة أو كما يقال أيضا ''رمزا للجمال والنقاء'' فلونه في أغلب الأحيان وفي معظم جهات الوطن أبيض ناصع، إلا في قسنطينة نجده أسود اللون، وما يحكى عن الحايك اليوم من طرف الناس الذين لا يزالون يتمسكون به، أن هذا الثوب كان له احترامه الكبير آنذاك وقد لبسته كل نساء المجتمع الجزائري إلى غاية الثمانينات ليعرف تراجعا كبيرا مع التغير الاقتصادي والاجتماعي الذي عرفته بلادنا. بحيث عوض هذا الإرث الحضاري التاريخي بالحجاب والجلابية والعباية وغيرها من الأزياء المغربية والخليجية التي تفضلالجزائريات ارتداءها اليوم بدعوى أنها عملية فيما تخلين عن ''الحايك'' لأنه زي غير عملي حسب رأيهن. غير أنه إلى حد الساعة لازلنا نلمح عددا قليلا من النساءالجزائريات اللواتي يلبسن الحايك ولم يتخلين عن هذا الثوب التقليدي، خاصة العجائز منهن اللائي يعتبرنه حرمة لا يمكن المساس بها، وتجد بعضهن رغم قلة عددهن يتجولن في الشوارع الجزائرية خاصة في الأحياء العاصمية كساحة الشهداء والقصبة، تلك المنطقة التي كانت ولا تزال ترمز إلى العاصمة وسكانها الأصليين، والتي تخفي في داخلها ميراثا ثقافيا غنيا يجهله العديد منا، خالتي خدوج عجوز في ال75 لا تزال محافظة على ارتداء الحايك إلى غاية اليوم. إلتقيناها صدفة وهي تتجول في شوارع القصبة لشراء ما يلزمها من حاجات، وكم كانت فرحتنا كبيرة عندما وجدنا من نستند عليه لمعرفة ولو القليل مما نبحث عنه، انزوينا مع الحاجة خدوج ودخلنا معها في نقاش حول الحايك الذي لم يبق منه اليوم أثر غير الكلام عنه كلباس تراجع بفعل الزمن وبدعوى التقدم الذي باتت تلهث وراءه النساء باسم الموضة والعصرنة. وترى خالتي خدوج في الحايك همة المرأة العاصمية التي تزيد من قيمتها بحيث لا يمكن للمرأة في زمن الستينات والسبعينات أن تخرج دون ارتدائه، مضيفة أنه كان يبدي جمال المرأة من خلال مشيتها ومسكتها له، إلى درجة أن الكثير من رجال تلك السنوات عشقوا ''الحايك'' وتغنوا به في أشعارهم وأغانيهم الشعبية. وكانت المرأة الجزائرية تخصص لخرجاتها اليومية ''الحايك نصف مرمة'' للذهاب إلى بيت الأهل أو لزيارة أحد من أقربائها وتحتفظ ''بالحايك المرمة'' فقط للمناسبات والأعراس، إذ لا ولا يمكن لبس هذا الأخير دون معرفة تقنيات لبسه وشدته.
------------------------------------------------------------------------

''الحايك..لباس عملي ولم يكن عائقا''

------------------------------------------------------------------------
تقول خالتي خدوج إن المرأة كانت تمسكه تحت إبطها حتى لا يسقط أثناء المشي وتلبسه بالكعب العالي أو الحذاء ''الوزوازي'' الذي كان يصدر صوتا عند المشي به يشبه الموسيقى، كما أنه لم يكن في متناول الجميع، بل الفئات الميسورة فقط. وتضيف أنه لا يمكن للمرأة في ذلك الزمان الخروج من البيت دون العجار الذي كانت تغطي به وجهها حتى لا تظهر ملامحها للرجال. وللعجار نصيب للحديث عنه مع خالتي خدوج التي أطلعتنا على أنواعه، عجار الشبيكة وعجار الكروشيه والعجار المطرز والطويل الذي كانت تلبسه العاتق والقصير الذي كان من نصيب العجائز، كلها عادات دأبت عليها العاصميات في ذلك الزمان وتحاول أن تبقى متمسكة بها إلى اليوم كحالة خالتي خدوج التي وعدت بأن تبقي محافظة عليه حتى توارى الثرى. بل وتحرص على تعليم كل العادات والتقاليد العاصمية إلى أبنائها وأحفادها حتى لا يقلعوا عنها. تركنا خالتي خدوج وواصلنا جولتنا في القصبة، إذ ونحن نتجول في شوارع القصبة وسط أزقتها الضيقة صادفنا أثناء رحلتنا ببيت من بيوت القصبة معلما عليه اسم ''المحروسة '' هو من أجمل وأروع البيوت المتواجدة في تلك الأزقة والذي يبعث في القصبة روحها المصارعة للحياة من أجل البقاء ومقاومة النسيان ويزيد من رونقها بعدما أكل الاسمنت جدرانها التاريخية التي حفرت فيها قصة الثورة الجزائرية، وأضحت أزقتها هشة ومتآكلة وطرقها متهرئة. ليبعث بيت ''الحاج الزبير'' صورة القصبة التي لا تزال محتفظة بعادات وتقاليد ناس القصبة وهو من المهتمين بتراثها الثقافي. دخلنا إلى بيته وشعرنا كأننا نزور متحفا من المتاحف التي تفخر بها الجزائر، بحثنا عن الحاج الزبير كان طمعا في معرفة المزيد عن الحايك الذي استغرقنا وقتا طويلا لجمع المعلومات عنه. لنوفيه حقه ووجدنا طلبنا وضالتنا عند الحاج الزبير الذي يستحق تلقيبه بموسوعة القصبة لإلمامه بكل المعلومات عنها. أخذنا الحديث الذي أعاد الرجل إلى حنين الماضي زمن المحروسة، الدزاير البيضاء ومزغنة لنستقي معه كثيرا من الأمور التي كنا نجهلها ولا نسمع عنها بتاتا، حديث الحاج الزبير عن الحايك زادنا حماسا ورغبة في معرفة الكثير عنه، بل صححنا من خلال حديثه العديد من المعلومات الخاطئة التي كانت في ذهننا عن ذلك اللباس التراثي، فالحايك المرمى هو ذلك المنسوج باليد من قبل ''الحرارين'' عن طريق آلة يدوية تسمي ''المرمى'' ومنسوج سوى من خيط الحرير وهو الفرق بين الحايك التقليدي ''المرمى'' والحايك الاصطناعي المعروف بنصف مرمى المزاوج بين خيط الحرير والخيط، العادي وعن أشكال هذا الأخير.
------------------------------------------------------------------------

''بين الكساء، زيقا بزيقا والدويدة... أصالة الحايك''

------------------------------------------------------------------------
يقول عمي الزبير هناك حايك ''زيقا بزيقا '' يعني ذلك الحايك الذي يكون مصنوعا على طريقة الأشرطة بالتناوب حيث يتكون من مزركش على شكل خيوط تعرف'' بالدويدة'' وشريط خال من الزركشة بحيث يكون صافيا. وهناك شكل آخر يكون فيه الحايك موحدا بحيث يكون قماشه كله غير مزركش وخاليا من الأشرطة على شكل ورقة بيضاء صافية ويكون أملس أكثر من الحايك الذي يحتوي على ''الدويدات''. أما الحايك الذي كانت تلبسه المرأة في فصل الشتاء فيعرف باسم الكساء وترتديه المرأة في متوسط عمرها أي في حدود سن الأربعين، وهو مصنوع من صوف رقيق جدا لهذا سمي ب ''الكساء'' ويتميز بقماشه الدافئ مقارنة بالحايك المصنوع من الحرير. و يصنع الكساء بنفس الطريقة التي ينسج بها الحايك، حيث يكون القماش على شكل شرائط متعاقبة شريط صافي من الصوف الرقيق وشريط من الحرير وهذا ما يعرف ''بنصف كساء''. أما المنسوج كليا من الصوف الرقيق جدا فيدعي ب''الكساء''. إذ يمكن اعتباره أقل سمكا من قماش الكشمير حاليا، وهذا النوع كانت تلبسه المرأة في فصل الشتاء حتى يدفئها. وهذه الأنواع كانت متواجدة في العاصمة.
------------------------------------------------------------------------

''العشعاشي... أو الحايك التلمساني''

------------------------------------------------------------------------
أما الحايك الذي كانت مشهورة به مدينة تلمسان غرب العاصمة فكان يحمل اللون الأزرق النيلي ويسمي بالعشعاشي وهو الآخر كان يصنع بأسلوب ''زيقا بزيقا'' على طريقة الأشرطة وينسج في منطقة تلمسان بالذات. أما في العاصمة فلم يكن هناك عدد كبير من النساجين ''الحرارين '' الذين كانوا ينسجون الحايك ولهذا كان في أغلب الأحيان يتم الحصول عليه من تونس. و في سياق متصل أضاف عمي الزبير أن عمل الحرارين في الجزائر لم يقتصر على نسج الحايك فقط، بل كانوا ينسجون المحارم والفوطات والسراويل وغيرها من اللوازم والألبسة التي كانت تقبل عليها المرأة في ذلك الوقت. كما كانت المرأة العاصمية تلتحف بالحايك في سن مبكرة جدا في حدود سن 10 و12 سنة أي عند البلوغ. وعن كيفية شدة الحايك، يقول الحاج الزبير إنها كانت تمسك بالحايك تحت إبطها بطريقة ذكية بحيث لا يمكن أن يسقط أثناء المشي وتمسك به بأصابع اليد اليمني عند الذقن ليصل الحايك إلى ساقيها ويغطي كل جسمها وتلبس معه العجار الذي كانت تمرره على أذنيها لتربطه خلف شعرها. بحيث يمنع العجار بأن يظهر شيئ من وجهها غير العينين. وهذه هي الطريقة التي كانت تعتمدها المرأة العاصمية في لبس الحايك، حيث لا تظهر مشيتها عندما تلبسه بطريقة صحيحة لأن مقياس الحايك كان يتكون من مترين في الطول على 60,1 في العرض، وكانت تقوم النساء بعد شرائه بتطريزه على الحواف اعتمادا على''الشبيكة '' والمسلول والطرز باليد. كما كانت المرأة تحرص على وضع علامة في أسفل الحايك. حتى لا تخلط بين الجهة السفلية والجهة العلوية، كلما لبسته مجددا. وكان الحايك يلبس فوق اللباس التقليدي عند الخروج من البيت. كما كان يرفق بمختلف المجوهرات، خاصة الخلخال المصنوع من معدن الذهب المشهور في العاصمة. ويضيف الحاج الزبير قبل أن تلبس المرأة الحايك في الزمن الماضي لبست ما يعرف بسروال الزنقة. وهو سروال مدور الشكل فضفاض جدا كان يخاط من 24 متر ثم أصبح يخصص له 18 مترا ثم 16 مترا ف12 مترا ثم 8إلى أن وصل إلى 4 أمتار ثم متر وربع في السروال. وبهذا ظهر ما يعرف بسروال الشلقة، كما عرف هذا الأخير عدة تطورات وبعدما كانت الشلقة لا تتجاوز الساقين، ارتفعت إلى الركبتين لتصبح اليوم إلى فوق الركبة كما كانت قياسات السروال المدور موحدة تلبسها المرأة السمينة والنحيفة على حد سواء، إلا أن كل هذه الألبسة اختفت اليوم وأضحت من الألبسة التي تجاوزها الزمن. ويقول عمي الزبير حسب التقديرات يعود ظهور الحايك إلى الدولة العثمانية لأن الحايك ظهر بعد ما لبست المرأة السروال المدور والفوطة التي كانت تضعها على رأسها حيث كانت تلك الفوطة بمثابة الحايك الذي يطوى على نصفين يحكم على مستوي الخصر ليوضع فوق الرأس ويكون بذلك بمثابة الخمار.
------------------------------------------------------------------------

''الدزيرية عذراء... والحايك همة وشان''

------------------------------------------------------------------------
وفي حديث عمي الزبير عن المرأة في زمن الحايك، يقول إن المرأة التي تلبس الحايك كانت في أعين الرجال ''امرأة ونصف'''' تبعث في نفوس الرجال عدة معاني تتلخص في التربية والأخلاق العالية والأصالة والهمة التي كانت تتمتع بها العاصمية، إذ كان يزيد من ''طبعها وشانها'' وكانت هي الأخرى تزيد من همتها وقيمتها بارتدائه. وعلى حد قول عمي الزبير ''المرأة الملحفة كي تعفس على الزبيبة تطلعلها البنة للرأس'' ويزيد عمي الزبير الحايك كان سترة المرأة يظهرها عذراء وجميلة تفرض من خلاله احترامها وهو ''شباح'' المرأة بحيث كانت تخرج به العروس من بيت أهلها يوم زفافها كرمز للعفة والحسب والنسب. تقول السيدة جميلة إن الحايك يغسل بطريقة متأنية ويمنع منعا باتا أن يعصر بل ينشر مباشرة لأنه منسوج من خيوط رفيعة إذا تم عصره يصبح الحرير مجعدا عندما يجف الحايك وبالتالي يصبح غير صالح حتى بعد كيه ويفقد وجهه الذي كان عليه من قبل. وللتجار نصيب للحديث عن الحايك ممن بقي محافظا على بيع الحائك في ساحة الشهداء وبالخصوص في ''زنيقة العرائس'' إلى حد اليوم رغم ثمنه الباهظ الذي يصل إلى 6000 دينار جزائري أكدوا لنا أنهم يتحصلون اليوم عليه من تونس وهناك من يحضره حسب الطلب وهم باقون على تجارة الحايك رغم أنها تجارة غير مربحة لأن التراث والتقاليد لا تقدر بثمن. غادرنا أحياء القصبة وشوارع ساحة الشهداء ونحن متأكدون أن الحايك لن يجد له مكانا اليوم وسط الموضة التي عششت في عقول الناس كبارا وصغارا واستنتجنا من خلال استطلاعنا ما كانت تمثله المرأة الجزائرية في زمن الحايك لنخلص إلى القول ان الحايك غاب من شوارع العاصمة وغابت معه الحشمة والاحترام الذي كان يكنه الرجل للمرأة آنذاك في وقت الهمة والشأن وأصبحت المرأة اليوم لا تكاد تمشي في شوارع العاصمة ليطلع على مسامعها كل الكلام الذي يقلل من احترامها وشأنهاو حسب عمي الزبير الذي تأسف في الأخير لتبني المرأة الجزائريةلعدة ثقافات غير ثقافتنا المحلية.

عن الكاتب

handmade ideas

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

قصائد و قصص شعبية